صباح الخميس كنت في سوق البلد فإذا بها تنظر إلي برجاء وبقوة والدموع في عينيها وكأنها تناديني تعالي فك اسري وبعدما قرأت نظرات عيونها ,,جالي بخيالي فكرة ولماذا لا اذهب وأفك أسرها وأمحو الدموع من عينيها. فإنني احتاج لوسيلة مواصلات لمساعدتي في تجارتي وقضاء مصالحي وفي نفس الوقت هي رخيصة جدا وسوف افعل خيرا. وبالفعل ذهبت للتاجر في السوق وتفاوضت معه علي شراء الحماره التي يعرضها للبيع فوافق ورأيت الفرحة في عينيها .
كانت ذكية ومطيعة جدا فتمشي تلقائيا حيث أريد دون توجيهها وكانت تأكل القليل وأعجبني فيها نشاطها فتنام مبكرا لتستيقظ بعد الفجر ويبدو أنها تحفظ الجميل فلم تتشاجر مع احد قط وكانت علاقتها طيبة مع الجيران الذين أحبوها وأطفال الشارع كانوا يلعبون معها فحمارتي ليست كباقي الحمير . وفي ذات يوم فاجأني الحاج برعي أن حماره قد اعترف له انه معجب و مغرم بحمارتي وانه لا يستطيع تحمل البعد أكثر من ذلك بعدما رفضت حمارتي مقابلته وطلبت منه التقدم مباشرة لخطبتها .في أول الأمر شعرت بشيء من الغيرة عليها لكن في النهاية طلبت منه مهلة للتفكير ولأخذ رأيها .
وفي عصر يوم , ونحن في طريقنا لتاجر حبوب , فاتحتها في الموضوع , فإذا بوجهها يحمر خجلا وبمشيتها تبطء حتي نزلت لأواجهها وجها لوجه حتي اعترفت بإعجابها هي الاخري وانها موافقة إذا أنا وافقت , وكان قرار يحتاج التفكير فأنا محتاج إليها وهي مطيعة وذكية ونادرا ما تجد حماره مثلها وفي نفس الوقت أنا لا أريد أن احرم قلبين من بعضها فما احلي الحب وما أصعب الحرمان . فأبلغت الحاج برعي أنني سأوافق ولكن بشرط أن تستمر حمارتي في خدمتي فانا لا استطيع الاستغناء عنها فتوسط عند حماره لكنه رفض بشده و لا يريد زوجته أن تعمل كي تتفرع لتربية أولاده ولكن الحاج برعي اقترح علي أن اشتري سيارة فتجارتي قد كبرت جدا وأنها ستكون أكثر نفعا . وبعد تفكير عميق وتردد وافقت علي هذا الزواج , وكان العرس في حفل مهيب حضره جميع حمير وكبار البلد .
ومرت الأيام فقمت بشراء السيارة , وبعدها بدأت المتاعب , فسيارتي غبية جدا فإذا تركتها تمشي وحدها تضل الطريق وتصطدم بالناس وربما تغرق في بحر وأحس دائما أن قلبها اسود تجاهي ولا تتكلم و باردة المشاعر ولونها الأسود يبعث علي التشاؤم والجيران يشكون من صوتها العالي. وتأكل البنزين غال الثمن ولا تعمل إلا بمزاجها وتحرجني أمام الناس حين تركب دماغها وتتوقف في طريق مزدحم ومهما توسلت إليها أو حتي ضربتها أو حاولت زحزحتها جانبا لا تستجيب ولا ادري ما سبب هذا العناد الرهيب . وحتى حين تجري علي الطريق تزاحم الآخرين. وذات مرة صدمت سيارة أخري فانهال علي صاحبها بالبوكس واللوكامية . فكنت اصبر نفسي حتي يأتيها عدلها ولكن لم يعجب بها احد قط حتى انضمت إلي سوق العوانس ...أين أنت يا حمارتي يالها من أيام حلوة فكم كنت مطيعة وذكية وتعرفين ألي أين اذهب دون أن أتكلم , وكان الناس يتهافتون علي مخرجاتك لتخصيب أراضيهم الزراعية , أما سيارتي فقد أصابت نصف سكان المنطقة بالالتهاب الرئوي بدخانها الأسود وأصابتني بالاكتئاب بلونها الأسود . انه أسوأ قرار في حياتي.
No comments:
Post a Comment