محاكمة رئيس في مصر !!!

نعم إن ما قرأته للتو صحيح لا تتعجب ,إنها محاكمة عدد من الوزراء ومساءلة لرئيس الجمهورية السابق وأفراد عائلته, في سابقة قد تكون هي الأولي من نوعها في تاريخ مصر. لقد تعودنا دائما أن نسمع عن محاكمة مسئول كبير بحجم وزير أو حتى رئيس دولة في دول مثل بريطانيا أو إسرائيل أو أمريكا, وكلها دول متقدمة, حتى تولدت لدينا قناعة أن محاكمة المسئولين قاصرة فقط علي الدول المتقدمة وأنها من سمات التقدم والحضارة. اليوم نستطيع أن نؤكد أن مصر قد خطت أول خطوة على طريق التقدم والرقي ...إنها محاكمة المسئولين و محاربة الفساد.
لقد تفاجأ الجميع بحجم الفساد الذي ظهر جليا بعد تنحي الرئيس السابق.وكثر السؤال عن علم الرئيس السابق بهذا الفساد؟ هل تغيب بقصد عن متابعة ثروات بلده ؟ وهل كان مذهولا مثلنا عندما سمع عن المليارات التي سرقت في عهده؟ أم انه كان علي علم بكل هذا, وربما شارك فيه, ولم يؤثر فيه ضمير الوطن ويدفعه إلي محاربته؟ الرئيس السابق كان ابن من أبناء القوات المسلحة المصرية المشهود لها بالنزاهة والتضحية من أجل الوطن وأن هذا الرجل قدم روحه للدفاع عن الوطن, وأنه لا أحد يشكك في حبه لبلده, إذا فلا يجب أن نفترض انه كان علي علم وسمح بسرقة ثروات شعبه الذي فداه بروحه, بالإضافة إلي أن المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات اعترف انه أرسل أكثر من 1000 تقرير عن الفساد بالمليارات في المؤسسات المصرية إلي الرئيس السابق لكنها لم تكن تصله, , إذا فالرئيس السابق كان مغيبا عن الفساد في مصر من قبل حاشيته التي كان لها مصالح في ذلك.
وفي المقابل هناك قضايا فساد دافع عنها الشرفاء من أبناء الوطن بأعلى صوت , فقضية المبيدات المسرطنة التي استوردها وزير الزارعة السابق يوسف والي, كانت علي مسمع ومرآي من الجميع , ولا يمكن بأي حال أن يحجب سمع الرئيس السابق عن قضية بهذا الحجم , وللآسف لم يستجيب سيادته إلا انه أقال الوزير يوسف والي, بعد أكثر من عشرين عاما في منصبة دون أي محاكمة أو مساءلة . وفي قضية تصدير الغاز إلي إسرائيل بربع ثمنه, وبعد قرار المحكمة الإدارية بوقف تصدير الغاز لإسرائيل, أوقفت السلطات المصرية, قرار المحكمة. دون أي تبرير واضح لقرار التصدير أو حتي تعليق قرار المحكمة. وفي تعليق الرئيس السابق على التزوير في انتخابات مجلس الشعب وقيام أعضاء مجلس الشعب السابقين بإنشاء برلمان مواز علق قائلا " خليهم يتسلوا", إذا الرئيس السابق كان علي علم بكبري قضايا الفساد والتزوير, ولم يكن مغيبا عن حال وطنه , , مما يؤكد مشاركته في الفساد, بالسكوت عنه.
إن نظرة الشعب إلي المسئول, ونظرة المسئول الي منصبه ,يجب أن تتغير من كونه سلطان أمر ناهي في موقعه إلي كونه مسخر عند الشعب , ومن كونه منصب تشريف إلي كونه منصب تكليف. و يجب علي المسئول نفسه أن يستغل كل مواهبه وقدراته التي ألت به إلي هذا المنصب, في خدمة شعبه دون أي اعتبار للمصالح الشخصية العائلية, وأنه مسئول عن كل العهد والصلاحيات التي ألت إليه, إضافة إلي أمن الوطن وحماية ثرواته.. وعلي الشعب أن يكرم المسئول إذا أحسن ويعاقبه إذا أهمل أو تعمد الخطأ. إذا تعاملنا مع كل مسئول بهذا المنطلق, فأن مصر بالفعل تكون قد خطت أهم خطوة علي طريق التقدم واللحاق بالدولة المتقدمة, لان جهود التنمية والنمو الاقتصادي لن تجدي أي نفع, في الوقت الذي تسرق فيه ثرواته البلد , ويستشري فيه الفساد.

No comments: