صكوك الغفران !

صكوك الغفران !

بدأت مصر برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 1991 , فبدأت مصر تطبيق قواعد السوق الحر حتى أصبحنا اقتصاد مفتوح , وكانت الخصخصة أهم ملامح هذا البرنامج , وبتوصيات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بدأت مصر في بيع الشركات والهيئات العامة إلي مستثمرين عرب وأجانب ومثلت هذه الشركات صناعات استراتيجية مثل الحديد والصلب والاتصالات والبترول حتى نقصت ملكية الدولة بشكل تدريجي وبدأت دور الدولة يتقلص, حتى اعتقدت الحكومة أنها قد نجحت في تطبيق مبادئ الرأسمالية والخصخصة كما أراده أنصار الرأسمالية .

وإذا كانت الحكومة تري أنها نجحت في تطبيق الخصخصة فإنها قد فشلت في إدارة أموال الشعب , فتم بيع شركات وصناعات استراتيجية تمثل ركائز في اقتصاديات أي دولة , و
الكثير من هذه الشركات تربح وتحقق نموا , مثل بنك الإسكندرية فلا ندري لماذا تم بيعه والبنك يحقق نموا ملحوظا في أرباحه عاما بعد أخر, وأيضا فان قيمة هذه الشركات عند بيعها لم تمثل قيمتها العادلة , إضافة إلي أراضي الدولة التي بيعت بأبخس ألاثمان وربح بعد ذلك من ورائها رجال الأعمال المليارات بعد تعميرها واستصلاحها , لماذا لم تقم الدولة نفسها باستصلاح هذه الأراضي وبيعها أراضي جاهزة لتربح هي تلك المليارات أليس الشعب أولي بثروته ؟ ثم أخطأت الحكومة مرة أخري حين استخدمت أموال الخصخصة في سداد عجز الموازنة العامة للدولة وسداد المعاش المبكر , لماذا لم يتم إعادة استثمارها في صناعات استراتيجية أخري ؟ فما فعلته الحكومة هو أن حولت أموال منتجة إلي أموال استهلكت وانتهي دورها بسد عجز الموازنة أو سداد المعاش المبكر, لماذا لم يتم بناء صناعات وشركات جديدة تسرع من عملية النمو الاقتصادي وتوفر فرص عمل جديدة ؟

وبعد مضي الحكومة في طريق الخصخصة الذي تجاوز عمره ال 17 عاما, يبدو أنها أفاقت علي اخطاها الفادحة هذه , وتزامن ذلك مع ألازمة المالية التي ضربت كل اقتصاديات العالم وبدأ كبار الاقتصاديين وأنصار الاقتصاد الحر يعيدون النظر في اعتقاداتهم التي دافعوا عنها عشرات الأعوام , وما كان من الدول النامية ومنها مصر إلا تمضي ورائهم في تطبيق ما يعتقدون .

وعلي ما يبدو أن حكومتنا شعرت بالذنب ,علي أنها أهدرت أموال هؤلاء الغلابة فبحثت عن أي شيء تقدمه للشعب لتنال مغفرته , فقدمت برنامج ( الملكية الشعبية ) وبهذا البرنامج يمتلك 41 مليون مصري حقه في الشركات العامة في صورة صكوك , وما هي إلا صكوك غفران أرادت بها الحكومة أن
تقدمها للشعب لتمحو خطاياها .

No comments: