في محاولة مصر للقيام بدورها التاريخي في الصراع العربي الإسرائيلي , ونظرا لوضعها الإقليمي , تعقد بين حين وأخر اجتماعات بين طرفي الصراع , حيث تتوافد علي مصر وفود من حماس ووفود من إسرائيل وأكثر ما لفت انتباهي في هذه الاجتماعات المتكررة , أن السيد/ عمر سليمان المدير العام للمخابرات المصرية , هو الوسيط وهو المسئول عن المفاوضات بين الطرفين , ولعل ذلك يثير تساؤل العديدين غيري , فما علاقة مدير المخابرات العامة المصرية بالمفاوضات بين حماس وإسرائيل , أليس الأولي أن تمثل هذا الدور وزارة الخارجية ؟
إن دور مدير المخابرات في أي دولة هو حماية الأمن القومي لهذه البلد من خلال الكشف عن محاولات التجسس المتسمرة من قبل العدو أو التجسس علي العدو نفسه , والكشف عن أي حركات غريبة تؤثر في الأمن القومي لبلده .
وان دور وزارة الخارجية في أي دولة هو رعاية العلاقات والمصالح الخارجية و والقيام بالاتصالات والمباحثات والمفاوضات لعقد كافة المعاهدات والاتفاقات الدولية , والعمل علي حل الخلافات الإقليمية التي لها فيها شأن .
إذا المفاوضات بين حماس وإسرائيل هو شأن وزارة الخارجية وليس دور المخابرات المصرية , وبما أن العمل المخابراتي يتسم بالاستمرارية , فهل السيد/ عمر سليمان , قد انتهي من مهامه كمدير مخابرات , حتى يتفرغ لعقد اجتماعات تقارب وجهات نظر والبحث عن حلول لإطراف متحاربة ؟ ولماذا لا تقوم الخارجية المصرية بهذا الدور؟
ولكن إذا نظرنا للقضية الفلسطينية سنعلم أن لها طبيعة خاصة , فعمرها قد تجاوز الستون عاما ,والطرف الدائم فيها هو إسرائيل التي تمثل العدو الأول لمصر وللعديد من دول المنطقة , وإسرائيل رغم ضعفها عددا وهوية إلا إن تستمد قوتها من الدول العظمي المؤيدة لها دائما , والتي تمثل خطرا دائما علي امن الكثير من الدول العربية ومنها مصر .
والطرف الأخر هو حماس التي انتخبها الشعب الفلسطيني , إلا إن الطرف المصري لم يتعرف بها ولا يحب لها أي وجود أو تقدم سياسي , لان حماس في نظره امتداد لحركة الأخوان المسلمين في مصر, وان حماس تتلقي دعما خارجيا من قوي غير مرغوب فيها داخل مصر مثل إيران وخرب الله . وان هدف حماس إقامة الأمارة الإسلامية علي حدود مصر , الأمر الذي لن تقبله مصر أبدا , إضافة إلي أنها تفتقد الحنكة والدهاء السياسي , فكثيرا ما طالبت حماس بفتح المعابر المصرية , ولا تبالي بأمن مصر و حقها في حماية حدودها , ولا تري المخطط الإسرائيلي من وراء ذلك , وهذا كله في نظر مصر خطرا يهدد أمنها القومي .
إذا فكلا الطرفين يمثلان خطرا علي امن مصر, وان اختلف في نوعيته ودرجته , إضافة لعدم اعتراف مصر بشرعية حماس , فلا يمكن لممثلي وزارة الخارجية اللقاء بحماس علي مائدة مفاوضات واحدة , فكان من الدهاء لعب دور من مسؤل خارج التمثيل السياسي , ظاهره هو تأكيد دور مصر ورعايتها للقضية الفلسطينية وتأكيد علي حضورها السياسي والإقليمي الذي ينبع من أنها اكبر الدول العربية , وذلك من خلال العمل علي حل النزاعات بين الطرفين , وتقريب وجهات النظر, والعمل علي عقد اتفاقيات تهدف في النهاية للسلام , , وباطنه هدف استخباراتي يقوم فيه مدير المخابرات بالاحتكاك بالطرفين اللذان يمثلان خطرا لمصر , مما يسهل له فهم طبيعة الطرفين وطريقة تفكيرهم , وردود أفعالهم لأفكار معينه , وأيضا قدرته علي استخلاص المعلومات , وتحليل الشخصيات, والوصول لأهداف استخباراتيه , لا يمكن لغيره الوصول إليها , مما يرمي في النهاية لفهم العدو وطريقة تفكيره ,إن توقع رد فعل تجاه أي موقف وفهم شخصيته يعد من اقوي الأسلحة التي تقابل بها العدو , إذا فاختيار مدير المخابرات المصرية للقيام بهذا الدور المزدوج , وان يدي ظاهريا غير مناسب , إلا انه اختيار مقصود يهدف لخدمة عدة أهداف للقيادات المصرية .
No comments:
Post a Comment